“إلى جدي الذي ناداني كثيراً… فلم أنصت“.
آهٍ لي… ثم آه،
لو أنني أنصتُّ لجدي،
حين كان يرصُّ حكاياته كحجارة حاكورته في “البروة”.
ويقصُّ لي كيف كان الزيتونُ يتوضأ بندى الصباح،
وكيف كانت الكروم تتدلّى كأغانٍ معلّقة في فم الريح،
وكيف كان القمرُ يبيت على عتبة الدار دون حراسة.
كنتُ أشرد…
أظنُّ أن البلاد محفوظة في الكتب،
وأن الحنين لا يُورث كما يُورث المفتاح الصدئ.
لم أكن أعلم أن جدي،
حين يهزّ سبابته في وجه الليل،
كان يخطّ خارطةً من دمه على جدران الغياب.
اليوم…
كلما جفّ حلقي من النشيد،
أفتّش عن ظله في مديح شجرة الخروب
في الحقول التي سرقها الجنودُ و
ودفنوا فيها مخازن للبارود.
آهٍ لي…
ضاعت الحكايات بين مللي وصمتي،
ضاع المفتاح في جيب الحكاية،
وضاعت الدار بين المنفى والمنفى.
لكنني اليومَ…
أجلس تحت شجرة زيتون يتيمة،
أعلّم طفلي كيف يسمعُ حفيفها
وكيف يرى الوطن في ظلها،
وأهمس له:
يوماً ما يا صغيري…
حين يشتد الحنين في الحجارة،
ستنهض الدروب،
ويعود جدي من الحكاية
ليفتح الدار لجرار الحنين.